كيف تُحضر القهوة الأثيوبية التقليدية؟

رائحة بخور تملئ الأجواء وضيوف يجلسون على فراش من الحصير، يرتشفون القهوة مع تبادل أطراف الحديث، مع موسيقى يبثها جهاز راديو قريب، أمامهم تجلس امرأة بجانبها طاولة قصيرة عليها أواني صغيرة من الفخار وإبريق معدني للقهوة على موقد الفحم. هكذا يكون المشهد حين يشرب الأثيوبيون قهوتهم في الصباح والمساء عبر طقوس يومية تُسمى "buna tetu" ومعناها ( شرب القهوة ) وهو نشاط يومي تتولى فيه ربة البيت أو عاملة المقهى عملية تحضير القهوة وتقديمها للضيوف لمدة تُقدر تقريباً من ساعتين إلى ثلاث ساعات يومياً. ومع أن عملية تحضير وتقديم القهوة الأثيوبية التقليدية مرتبطة غالباً بالنساء، إلا أنه يمكن للرجال أيضاً تحضيرها بنفس الطريقة، وهي طريقة تقليدية لتحضير قهوة طازجة تعتمد على جميع مراحل الإعداد وتبدأ باستعمال الحبوب الخضراء، ومن ثم تحميصها وطحنها وتقديمها خلال نصف ساعة تقريباً.

وفيما يلي نعرض كيفية تحضير وتقديم القهوة الأثيوبية التقليدية:

أولاً: تحميص الحبوب الخضراء

 
عملية تحميص القهوة تقليديا باستخدام مقلاة كبيرة

عملية تحميص القهوة تقليديا باستخدام مقلاة كبيرة

 

تتطلب عملية تحميص القهوة الأثيوبية "وصول الحبوب إلى اللون الأسود الداكن"، مع بعض الحبوب التي تكون فيها نسبة التحميص أقل قليلاً. تقوم المضيفة بتحميص القهوة أمام الضيوف باستخدام صحن القلي ( الصاج ) لمدة تصل تقريباً إلى 15 دقيقة، وفي تلك الأثناء تقوم بتقليب الحبوب بالتزامن مع التحميص عبر تحريك الصاج وهزه. ومن عادات تحضير القهوة الأثيوبية التقليدية أن تقوم المضيفة لمرة واحدة على الأقل برفع الصاج عن الجمر نحو الضيف الجالس أمامها ليقوم بالتلويح بيده ويستنشق رائحة القهوة المحمصة، ثم تعيد المضيفة الصاج إلى مكانه على الموقد لتُكمل عملية التحميص.

ثانياً: طحن الحبوب المحمصة

يتم طحن القهوة الأثيوبية بطريقة تقليدية، تعتبر من أقدم طرق الطحن في التاريخ، ويتم ذلك عن طريق وضع القهوة المحمصة في إناء المدق المخصص للطحن، وهو إناء مجوف خشبي أو معدني بداخله توضع القهوة المحمصة وتُطحن عن طريق إدخال قبضة المدق في التجويف وضرب المقبض بقوة مرة تلو مرة حتى يتم سحق المحتوى. وعند الطحن لابد من وضع كمية قليلة من القهوة في إناء المدق لأن ذلك يضمن الطحن المتساوي للمسحوق في وقت قصير.

 
تحويل حبوب القهوة الى مسحوق القهوة

تحويل حبوب القهوة الى مسحوق القهوة

 

ثالثاً: غلي مسحوق القهوة

بعد الطحن يوضع مسحوق القهوة مع إضافة الماء في إبريق مخصص( الجمنة بفتح الجيم) الذي يوضع هو الآخر فوق موقد الفحم لبضع دقائق حتى تندمج المكونات مع بعضها البعض. وبعكس طرق التحضير التركية والعربية، لا يتم إضافة السكر عند غلي القهوة الأثيوبية التقليدية، لكن في المقابل هناك مناطق في أثيوبيا يتم فيها إضافة مواد أخرى كالسمن أو الجبن. بعد 10 دقائق تقريباً من غلي القهوة على الفحم، يُرفع الإناء ويوضع على الأرض لمدة 10 دقائق أخرى لتستقر المكونات عند قاع الإبريق.

رابعاً: تقديم شراب القهوة

تٌقدم القهوة الأثيوبية التقليدية عادةً مركزة وسوداء اللون في فناجين صغيرة الحجم، ويُستحب صبها من ارتفاع يصل من 8-10 بوصات، حيث يُعتقد أن هذه الطريقة التقليدية في الصب تخلق تدفق مركز للقهوة الداكنة إلى الكوب، وتُقدم القهوة الأثيوبية عادةً مع وعاء به كمية من السكر وملعقة صغيرة لم يرد إضافة السكر، ويُقدم أيضاً صحن من الفشار، إذ جرت التقاليد تناول الفشار مع القهوة، مع إحراق بعضاً من البخور أو العودة الشعبية لإضفاء طابع الحميمية على المكان. وبعد الانتهاء من شرب القهوة، على الضيف أن يعيد الفنجان إلى المضيفة ويقول لها أن القهوة رائعةأو أنه اكتفى، ما لم فإن تقاليد تقديم القهوة الأثيوبية التقليدية تجعل المضيفة تصب له القهوة مرة أخرى أو تعيد تحضيرها من البداية إذا تطلب الأمر ذلك وتستمر في صب القهوة مرة ثانية وثالثة حتى يقول أنها أعجبته أو أنه اكتفى. هي طريقة متأصلة بالطبيعة والأرض والمشاركة المجتمعية، ويمكن لمن يقوم بتجربتها الشعور بالعلاقة القوية والقديمة التي تربط الأثيوبيون بالقهوة. وبالرغم من ضخامة الإنتاج الأثيوبي كسادس أكبر منتج للقهوة حول العالم، إلا أن أثيوبيا تقريباً هي البلد الوحيد التي تستهلك أكثر من نصف انتاجها من القهوة ويرجع سبب ذلك إلى أن غالبية سكانها البالغ عددهم حوالي 100 مليون نسمة يشربون القهوة يومياً، وهناك عبارة أثيوبية شهيرة يرددها غالبية الأثيوبيين هي "buna dabo naw" وتعني "القهوة هي خبزنا".